سلسله امراض الامة -فقد الأمل وسيطرة اليأس على القلوب-

فقد الأمل

قال تعالى وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) يوسف ، تمر الأمة الأن بمرحلة من الضعف لم تشهدها منذ قرون ولكن لن تموت الأمة أبداً لأنها تحمل رسالة الله إلى خلق الله إلى جميع الأمم ، وإن كانت الأمة تمر بمرحلة من الضعف فلطالما مرت بمراحل كثيرة من مراحل التمكين أذلت الأكاسرة وأهانت القياصرة وقدّمت للحضارة مفهوماً مُشّرفاً رائقاً ما عرفته حضارة العصر الحديث حضارة الغاب تلكم الحضارة التى تعفّن ضميرها وتحللت أخلاقها ؛ لطالما قدّمت أمة التوحيد للبشرية كلها المفهوم الحقيقى للأخلاق والحضارة إذ لم تبق هذه الأخلاق مجرد مًُثل تحتفظ بها فى الأدراج أو فى الهيئات أو المنظمات أو المواثيق وإنما تحولت هذه المُثل فى دنيا المثل فى دنيا المسلمين إلى واقع عملى وإلى منهج حياة .
وعد الله الأمة بالنصر ووعد الله لا يتخلف ولا يتبدل سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)) الأحزاب ،  ولله فى كونه سنن لا تتبدل ومن هذه السنن أن الحق وإن ضعف وإنزوى كأنه مغلوب وكأنه زائل فإنه ظاهر وأن الباطل وإن إنتفخ وإنتفش كأنه ظاهر فإنه زاهق قال تعالى وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) الإسراء ، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)  الأنبياء ، نحن معنا رصيد الفطرة وهو الحق الذى خُلقت السموات والأرض من أجله وخُلقت الجنة والنار ومن أجله أُنزلت الكتب وأُرسلت الرسل وقبل كل ذلك وبعد كل ذلك معنا الله ويالها من معية جليلة أه لو عرفنا قدرها وجلالها فمن كان الله معه فمن أى شئ يخاف ومن كان الله معه على أى شئ يحزن يقول تعالى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)  الصافات ، ولقد تحقق موعود الله لرسوله من اللحظة الأولى ، ألم يؤذيه المشركون ويحاربوا دين الله منذ أول فجر للأسلام وماذا بعد ؟ إنتصر دين الله وإنهزم المشركون رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان وحده وأول ما بدأ يدعو لدين الله قال له عمه أبو لهب تباً لك اى هلاكا لك ألهذا جمعتنا وبدات الحرب على نبى الرحمة وأنتصر بإذن الله لأن هذا الدين دين الله والله وعد أن ينصر دينه ونبيه ؛ وبعد فتح مكة أمر النبى بلال فأذن فوق الكعبة بعد أن طهّر الأصنام التى كانت عليها .
يقول تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)  الأنفال ، كم أُنفقت مليارات لإستئصال هذا الدين ولهدم أسر المسلمين ولإغراق شباب المسلمين فى مستنقع الرذيلة حتى لا يخرج منه أبدا وكم أُنفق على الإعلام الدجّال الذى يجعل الأرنب كالحمار فى الضخامة ؛ كم أنفق لهدم الدين لكنهم الأن يرقصون رقصة الموت لأنهم يرون عجب العجاب فى إنتشار الأسلام رغم أنوفهم قال تعالى كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) المجادلة ، وفى صحيح مسلم من حديث ثوبان وغيره قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتى سيبلغ ملكها ما زُوى لى منها وأعطيت الكنزين الأبيض والأحمر – ملك كسرى وملك قيصر – وإنى سألت الله عزوجل أن لا يهلك أمتى بسَنةٍ عامة – أى بقحط وهلاك عام – وأن لا يسلط عليها عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم – أى يستبيح عزهم وملكهم من الأرض ويبيده – وإن الله تعالى قال لى إنى إذا قضيتُ قضاءاً فإنه لا يُرد وإنى أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وإنى أعطيتك لأمتك ألا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو إجتمع عليهم من بأقطار الأرض وفى لفظ من بأقطارها ) وتلكم بشرى تملأ القلب بالأمل ، ولنراجع التاريخ من أول حروب الردة إلى ما نراه الأن على أرض فلسطين والعراق ولقد إجتمعت امم الأرض على أفغانستان ولا زالت أفغانستان قائمة وباقية رغم أنها دويلة صغيرة .
ويقول صلى الله عليه وسلم والحديث رواه أحمد والطبرانى والحاكم فى مستدركه بسند صحيح على شرط الشيخين من حديث تميم الدارى قال النبى صلى الله عليه وسلم ( ليبلغن هذا الأمر -  اى هذا الدين – ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مضر ولا بيت وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عز يعز الله به السلام وذلاً يذل به الله الكفر ) وقد تحقق ما قاله سيد البشر فلا يوجد بيت على وجه الأرض إلا وقد سمع عن الأسلام .
وفى مسند أحمد وغيره من دواوين السنة عن حذيفة بن اليمان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ) ووعد الصادق لن يتأخر ولن يتبدل ولن يتخلف .
وبفضل الله تنتقل الأمة الأن من مرحلة أزمة الوعى إلى وعى الأزمة ويشهد العالم بإنتشار الأسلام وسنعرض فيما يلى أقوال الصحف العالمية
جريدة التايمز الأمريكية (وستشرق شمس الأسلام من جديد – هذا هو العنوان – والموضوع : إن شمس الإسلام تشرق من جديد لكنها فى هذه المرة تعكس كل حقائق الجغرافيا إذ أنها تشرق من أوروبا تلك القارة العجوز التى بدأت المأذن فيها تزاحم أبراج الكنائس وتزدحم المساجد فيها بالمصلين ويقف صوت الآذان فيها فى كل وقت شاهداً على أن الأسلام يكسب كل يوم أرض جديدة وأتباعاً وجدوا فيه الطريق )
صحيفة السانداى تلجراف البريطانية ( إن إنتشار الأسلام مع إشراقة هذا القرن ليس له من سبب مباشر إلا أن سكان العالم من غير المسلمين بدأوا يتطلعون إلى معرفة الأسلام والقراءة عنه ومن هنا بدأت تلك المناطق والدول تدرك إدراكاً كاملاً أن الأسلام هو الدين الأسمى الذى يمكن أن يُتّبع وهو الدين الوحيد القادر على حل مشاكل البشرية وهو الدين القوى التى لم تستطع كل المحاولات أن تحد من إنطلاقه الفكرى طيلة القرون الماضية )
صحيفة لودينا الفرنسية نشرت بحثاً إستراتيجياً فى منتهى الخطورة والأهمية ( مستقبل نظام العالم سيكون دينياً – وهذا حق فلا توجد حرب الأن على وجه الأرض إلا وتحركها العقيدة سواء كانت عقيدة حق أو باطل – وسيسود النظام الأسلامى بالرغم مما يبدو من ضعفه لأنه النظام الوحيد الذى يمتلك قوة شمولية هائلة  )

صبحٌ تنفّس بالضياء وأشرقَ .. والصحوةُ الكبرى تهزُ البيرقَ
وشبيبةُ الأسلامِ هذا فيلقا فى ساحة الإسلام ِ يتبعُ فيلقا
وقوافلُ الإيمان تتخذُ المدى درباً.. وتصنعُ للمحيطِ الزورقَ
وما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعدٍ من الله الجليلِ تحققا
هى نخلةٌ طاب الثرى فنما لها جذعٌ قوىٌ فى الترابِ وأعزقَ
هى فى رياضِ قلوُبُنا زيتونةٌ .. فى جذعها غصن الكرامةِ أورقَ
فجرٌ تدفق من سيحبسُ نورهِ أرنى يداً سدّت علينا المشرقَ
يا نهر صحوتنا رأيتك صافياً .. وعلى الضفافِ رأيتُ أزهار التقى
قالوا تطرفَ جيلُنا لما سمى قدراً وأعطى للطهارةِ موثقا
ورموه بالإرهابِ حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامةِ وأرتقى
أو كان أرهاباً جهادُ نبينا أم كان حقاُ بالكتابِ مصدقَ
أتطرفٌ إيمانُنُا فى عصرٍ تطرف فى الهوى وتزندقَ
إن التطرفَ أن نذم محمدا والمقتدين به وأن نمدح فاسقا
إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأطرقَ
يا نهر صحوتنا يا جيل صحوتنا إنى أعيذك أن أرى فى الصف من بعد الإخاء تمزقَ
لك فى كتاب الله فجرٌ صادقٌ .. فاتبع هداه ودعك ممن فرّقَ
لك فى رسولك أسوةٌ فهو الذى بالصدق والخلق الرفيع تخلّقَ
يا جيلَ صحوتنا ستبقى شامخاً ..ولسوف تبقى بإتباعك أسمقا

وبعد ؛
فقد آن الأوان أن تكون على مستوى هذا الدين ، ألّا تكون سلبياً ، آن الأوان أن نحذف من قوانين معاملاتنا هذه الكلمة البغيضة ( وأنا مالى ) ( أنا هغير الكون ) أن الأوان أن نلغى هذه الكلمات :

لقد أسمعت حين ناديت حياً .. ولكن لا حياة لمن تنادى
ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أن تنفخُ فى رماد

أن الأوان أن تكون على مستوى إنتسابك لدين الله ولرسول الله ، منذ متى وأنت مسلم ؟ ولكن ما الذى قدّمته لإسلامك ؟ آن الأوان أن تعلم الأمة ويعلم الجميع أننا لا نريد أن تتحول الأمة كلها إلى دعاة على المنابر فى المساجد وإنما نريد أن تتحول الأمة كلها إلى دعاة لدين الله على منبر واحد فقط ألا وهو منبر الأسلام كلٌ فى موقع إنتاجه وموطن عطائه وتخصصه وأعلم أنك على ثغر ، الله الله أن يؤتى الإسلام من قِبلك فكن على مستوى إنتسابك لدين الله .
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر

يا أمة التوحيد آن الأوان أن تُسقطى اللافتات الكاذبة واللافتات المُضللة والخادعة ، آن الأوان أن تشق لنفسك طريق من العزة والكرامة وسط أحجار النظام العالمى الجديد ولن يكون ذلك إلا بالعودة الصادقة إلى منهج العزيز الحميد وإلى منهج محررى العبيد ولن يكون ذلك إلا بالعلم والفهم والعمل ، آن الأوان أن تعود الأمة إلى الدواء إلى مصدر العز إلى مصدر الشرف والكرامة إلى حبل النجاة وطريق السعادة فى الدنيا والأخرة إلى كتاب الله لا ليُطبع فحسب ، ولا ليوضع فى فى علب القطيفة فحسب ولا ليقبل فى المناسبات فحسب ولا ليوضع على جدران المساجد ولا ليُقرأ على الأموات فى المقابر وإنما لتحول الأمة القرءان فى حياتها إلى منهج حياة لنمتثل أوامره أمراً أمراً ونجتنب نواهيه نهياً نهياً ولنقف عند حدوده حداً حداً وهى تردد مع السابقين الأولين قولتهم الخالدة ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) آن الأوان أن تحسّن الأمة ما فسد وأعوج من أخلاق فالأمة تحتاج إلى إصلاح حقيقى فى جانب الإعتقاد والتعبد والأخلاق والمعاملات والسلوك وإصلاح فى جانب النظرة إلى العمل إلى النظرة إلى الأنتاج والأبداع والعطاء ، تحتاج إلى تصحيح ، لا ينبغى أن نتعالى على الحق أو نتكبر عليه وأن نزعم أننا قد وصلنا إلى درجة الملائكية ، الواقع بين أيدينا يحتاج منا إلى نبدأ ونحن فى غاية الثقة فى موعود الله ونحن فى غاية اليقين فى موعود الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم ونحن على يقين مطلق بأن أشد ساعات الليل سواد هى الساعة التى يليها ضوء الفجر وفجر الأسلام قادم ولكن وظيفتك ومهمتك أن تعمل وأن تُقدم وأن تغرس ولا ينبغى أن تتوقف على الغرس للدين حتى ولو قامت الساعة ما دمت قادراً على غرس الشتلة فى يدك ( إذا قامت القيامة وفى يد أحدكم فسيلة فإن إستطاع أن يغرسها فليغرسها ) أغرس لدين الله غرساً صحيحاً على كتاب الله وسنة نبيه وأن تتأدب مع الله وتترك النتائج على الله ولتعلم أنه ما من أحد أغير على دين الله من الله وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) التوبة ،  والله المستعان ؛