أ
همال النفس وعدم تزكيتها [rtl]
النفس التى بين يديك هى أعدى أعدائك فالشيطان إذا ذكرت الله خنس وفر وهرب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)[/rtl]
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) ، فالنفس إن أهملتها أخرجتك من الحق إلى الضلال ومن الطاعة إلى المعصية ومن السنة إلى البدعة ومن القرب إلى الله إلى البعد عنه فلا ترى صاحب هذه النفس إلا عاصياً لله لا يتورع عن فعل الحرام كله كالربا والزنا وأكل الحرام وأكل مال اليتيم والغيبة والنميمة وغيرها يقول تعالى فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات ، والهوى ما تهواه النفس من شهوات ونزوات تهلك النفس فالنفس غشوم جهول إن لم تُزكى أهلكت صاحبها . والنفس تحتاج إلى وقفة وتزكية ودواء فإن حرصت على تناول هذه الجرعة بإنتظام وأكرهت نفسك على أخذها وأرغمت نفسك على التداوى بها إنتقلت من الفجور إلى التقوى ومن الغواية إلى الهداية ومن الضلال إلى الهدى ومن الشر إلى الخير ومن السنة إلى البدعة ومن الحرام إلى الحلال ومن البعد عن الله إلى القرب من الله ، وهذا الدواء نحتاج إليه جميعاً بلا إستثناء قبل أن نفأجى وقد إنتقلنا إلى معسكر الأموات والموت يأتى بلا مقدمات ، وأحياناً بلا أسباب قد ينام الرجل النومه وتوقظه أرأته فى الصباح فلا يستيقظ ؛ وكان لقمان الحكيم يقول لولده : أى بنى إنك منذ أن نزلت إلى الدنيا أستدبرت الدنيا وإستقبلت الأخرة فأنت إلى دارتقبل عليها أقرب من دار تبتعد عنها ، لأنه ما فى يوم يمر عليك فى دنياك إلا وهو يقربك إلى أخراك ويبعدك عن الدنيا وأعجب لهؤلاء الفضلاء الذين يهتمون ويحتفلون إحتفالاً بالغاً بإعياد ميلادهم مع أن هذا العيد يحتاج منك إلى وقفة وتأمل ماذا فعلت فى العام المنصرم وهل ترضى أن تقبل على الله بهذه الأقوال والأعمال ، وعدّ توبة إبن الصمة أيامه لما تجاوز الستين فوجدها واحد وعشرون ألف يوم فصرخ كيف سيقابل الله بواحد وعشرين ألف ذنب هذا إن كان أذنب كل يوم ذنباً واحداً فقط .[ltr]التزكية من أهداف النبوة[/ltr]
والتزكية من أهداف النبوة بل هى هدف كبير من أهدافها على صاحبها أفضل الصلاة والسلام : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) ال عمران ، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) الجمعة ، وإلا فلو أهملت نفسك قادتك إلى كل معصية وأغرقتك فى بحور الشهوات وأسقتطك فى شباك الشبهات وكانت النتيجه فى الاخره النار ولاحول ولاقوة إلا بالله فالامر جد خطير يحتاج منا إلى وقفه قرأنيه صادقه وبالتزكيه والمحاسبه ترتقى النفس من النفس الاماره إلى النفس اللوامه والنفس اللوامه نفسٌ كريمةٌ ابيةٌ زكيةٌ اقسم الله بها فى قرأنه وما أقسم الله بها إلا لكرامتها : لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) القيامة . وقال ميمون إبن مُهران والله لا ترى المؤمن دائما إلا يلوم نفسه ولا يرتقى العبد إلى درجة التزكيه إلا إذا حاسب نفسه محاسبة الشريك الشحيح فالمؤمن لاتراه دائما إلا ويلوم نفسه إلى أن يرتقى إلى مرتبه أعلى وهى النفس المطمئنه . والنفس اللوامه هى التى تلوم صاحبها على فعل الخير والشر ، الشر لماذا فعلته والخير لماذا لم تكثر منه ، والنفس المطمئنه هى التى اطمأنت إلى الله رباً وإلى المصطفى نبيا ورسولا وإلى إلإسلام دينا فهى نفس كريمه لاتشعر بالسعاده إلا مع الله ولا تشعر باأنس إلا بطاعة الله وصاحب هذه النفس يشعر بسعاده إذا خلا مع ربه إذاعلم بها الملوك لجالدوا أهل الفضل عليها بالسيوف فصاحب هذه النفس خرج من سجن الهوى إلى ساحة الهدى ومن ضيق الجهل إلى فضاء العلم ومن نجاسة النفس إلى طهارة القدس ؛ فالهوى ملك غشوم جهول يصم الإذان عن سماع الحق ويعمى الأبصار عن رؤية الدليل يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) ص ، إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل على رقيب ،ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفى عليه يغيب [ltr]إذا ما قال لى ربى أما أستحييت تعصينى [/ltr]
[ltr]وتخفى الذنب عن خلقى وفى العصيان تأتينى [/ltr]
[ltr]فما قولى له لما يعاتبنى ويقصينى .[/ltr]
[ltr]يا نفس قد أزف الرحيل وأزلك الخطب الجليل[/ltr]
[ltr] فتأهبى يا نفس لا يلعب بك الأمل الطويل[/ltr]
[ltr] فلتنزلن بمنزلٍ ينسى الخليلُ به الخليل[/ltr]
[ltr]وليركبن عليك فيه من الثرى ثقل ثقيل[/ltr]
قُرن الفناء بنا جميعاً فما يبقى العزيزُ ولا الذليلُوقال إبن مسعود أطلب قلبك فى ثلاثة مواطن : عند سماع القرأن وفى مجالس الذكر وفى أوقات الخلوة فإن لم تجد قلبك فى هذه المواطن فسل الله جل جلاله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك ، وإن كنت تتحرك بين الناس . أين قلبك يا من تتجرأ على الله فى الخلوة ، (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) لم يقل الله تنفع العصاة . والمؤمن يخطئ ولكن يجب أن يتذكر وحتى ترتقى النفس إلى المطمئنة يجب عليها المحاسبة والمحاسبة منهج يحتاج إلى خطوات لابد من إتباعها كمنهج علم لمحاسبة النفس لتزكيتها وتدبر قول الله 
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله ) وقال عمر إبن الخطاب حاسبو أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية فإنما يخف الحساب يوم القيامة عمن حاسب نفسه فى الدنيا. [ltr]خطوات المحاسبة[/ltr]
[ltr]الخطوة الأولى : المقايسة بين نعم الله علينا وبين جنايتنا وتقصيرنا فى حق الله[/ltr]
[ltr]أنظر إلى فضل الله الذى أنت غارق فيه ولا تظن أن الفضل فى المال فالله من عليك بنعم لا تقدر بمال وأكبر هذه النعم نعمة الأسلام وكفى بها نعمة فماذا فقد من وجد الأسلام وماذا وجد من فقد الأسلام ثم نعمة العقل والصحة وغيرها وغيرها .[/ltr]
[ltr]الخطوة الثانية المقايسة بين السيئات والحسنات[/ltr]
[ltr]هلى ترجح الحسنات أم السيئات أسأل نفسك هذا السؤال ولكن كيف ستجيب عليه ؟ ستجيب عليه بنور العلم حيث أن هذا الأمر يحتاج إلى نور يرى به من يحاسب نفسه حسناته وسيئاته فيجب أن تفرغ من وقتك لتتعلم عن الله ورسوله ما ينبغى أن تتعلمه .[/ltr]
[ltr]الخطوة الثالثة : التمييز بين النعمة والفتنة[/ltr]
[ltr]يجب أن تميز هل النعمة بين يديك منحة من الله أم هى محنة وفتنة فى ثوب النعمة والمنحة ولكن كيف تعرف هذا ؟ إذا كانت النعمة تقربك من الله فى منحة ونعمة وإذا كانت تبعدك عن الله فى الفتنة فى ثوب النعمة.[/ltr]
[ltr]الخطوة الرابعة : إتهام النفس[/ltr]
إياك والعجب والكبر والغرور ، ولماذا تتكبر وتغتر ، لا تغتر بعلم أو بعمل فوالله لا تدرى بأى خاتمة ستختم لك فالأعمال بالخواتيم ولنا فى رسول الله الأسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم رسول الله الذى غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومال تأخر والذى ما خلق الله بشرأ أفضل منه كما قال إبن عباس والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ أكرم عليه من محمد إبن عبد الله ومع ذلك لما مات عثمان إبن مظعون رضى الله عنه بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبّله بين عينيه وسالت دموعه الشريفة بين خدى عثمان رضى الله عنه ويالها من كرامة ومع ذلك قالت إمرأة من الأنصار يقال لها أم العلاء رحمة الله عليك أبا السائب شهادة الله عليك أن الله أكرمك فقال صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله أكرمه فقالت يا رسول الله ومن يارسول الله ؟ : أى ومن الذى سيكرمه الله إن لم يكرم عثمان بن مظعون ، فقال صلى الله عليه وسلم أما هو فقد جاءه اليقين فإنى أرجوا له الخير ثم قال ووالله لا أدرى وأنا رسول الله ما يُفعل بى ولا بكم ، وأم المؤمنين عائشة والحديث رواه البخارى وغيره من حديث عبد الله بن عمرو قال عمرو بن العاص يارسول الله من احب الناس إليك قال عائشه قال من الرجال قال أبوها ومع ذلك جاءها سائل يسألها عن قول الله : ثم أورثنا الكتاب فقالت عائشة يا بنى أما السابق بالخيرات فهو من سبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة وأما المقتصد فهم قومٌ إتبعوا أثره صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا به وأما الظالم لنفسه فمثلى ومثلكم ، يقول تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) النساء ، وإن كانت الأية نزلت فى اليهود فليست العبرة بخصوص السبب ولكن العبرة بعموم اللفظ كما يقول علماء الأصول ، فلا ينبغى أن تزكى نفسك وإنما يجب أن تتهم نفسك دوماً بالتقصير. الخطوة الخامسة : المقايسة بين الإخلاص والرياء حاسب نفسك دائماً لماذا تكلمت لماذا سكت ، لماذا فعلت ؟ ولماذا لم تفعل ؟ وهل كانت أفعالك موافقة لهدى الله ورسوله وأعلم أن الله لا يقبل من العما إلا إذا كان موافقاً لهدى النبى المختار. 
الإثنين ديسمبر 04, 2017 8:35 pm من طرف 
