القذف - ما هو - أحكامه و جوانبه الفقهية
ربما لا يعرف أكثر المسلمين أحكامه ، وعده البشير النذير كبيرة من الكبائر ، والقذف قد يعرض صاحبه للعنة الله جل وعلا ، والقذف ليس من الأمراض العامة التى تعودنا أن نسردها فى هذه السلسلة ولكنه أصاب كثير من أفراد الأمة .
ما هو القذف
القذف لغة هو الرجم والشتم والسب والعيب والقذف يراد به رمى الرجل المحصن العفيف البرئ الشريف بالزنا أو رمى المرأة المحصنة العفيفة الشريفة بالزنا وقد غلب إستعمال هذا المعنى على لفظة القذف فى كتابة الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ يقول تعالى ( إن الذين يرمون المحصنات ، يوم تشهد ، يومئذ ) والغافلة أى عما تُرمى به من التهم وهى منها براء . وفى الصحيحين عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( إجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هن يا رسول الله قال الإشراك بالله والسحروقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق واكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) فالقذف كبيرة من المهلكات أعاذنا الله منه ، وفى الصحيحين أيضاً ( من قذف مملوكه بالزنا أُقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال ) وفى الحديث الصحيح الذى رواه أحمد وأبو داود والترمذى وغيرهما بسند صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( من قال فى مؤمنٍ ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج ) وردغة الخبال هى عصارة أهل النار من قيح وصديد ودم .
الجانب الفقهى فى القذف ( أحكامه )
والذين يرمون المحصنات ولم يأتوا بأربعة شهداء .. )
الحكم الأول : ثمانين جلدة للقاذف إن كان كاذباً
الحكم الثانى : تُرد شهادته ولا تُقبل
الحكم الثالث : يُعد فاسق والفاسق تسقط عنه العدالة فى الدنيا والأخرة
وتقع هذه الأحكام إن لم يتب إلى الله ويصلح والإصلاح هو الإعتراف بجريمة القذف ليُبرأ شرف من قذفه وإلا فلن تُقبل توبته ، وفى الحديث الذى رواه أحمد وغيره وصححه العلامة أحمد شاكر عن إبن عباس قال لما نزلت الأية والذين يرمون المحصنات ولم ياتوا .. سمعها سيد الأنصار سعد بن عبادة قال أهكذا أُنزلت يا رسول الله وذكر الأية فقال صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار الا تسمعون ما يقوله سيدكم سعد بن عبادة فقال الأنصار يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور والله ما تزوج إمرأة قط إلا بكراً وما طلق إمرأة قط فإجترا أحدهم ان يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد بأبى انت وأمى يا رسول الله والله إنى لاعلم أنها الحق وأنها نزلت من عند الله ولكنى تعجبت أن ارى لكاعاً قد تفخّدها رجل ثم لا أُهيجه حتى أتى باربعة سهداء فوالله لا أتى بهم غلا وقد قضى حاجته – وفى روايه للبخارى ومسلم وأحمد وغيرهم يقول صلى الله عليه وسلم أتعجبون من غيرة سعد والله لأنا اغير من سعد والله أغير منى ومن اجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن – فلم يلبث سعد إلا يسيراًَ حتى جاء هلال إبن أمية من أرضه عشاءاً فدخل بيته فوجد رجل يفعل الفاحشة بإمراته فرأى بعينه وسمع بإذنه فأسرع إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عدت من أرضى عشاء فرأيت رجل مع أهلى رأيت بعينى وسمعت بإذنى فإشتد ذلك على النبى وغضب غضباً ظاهراً وإشتدعليه ما قال هلال إبن امية وإجتمع الأنصار حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله لقد أُبتلينا بما قال سعد بن عبادة فقال النبى رغم غضبة لهلال إبن أمية البيّنة أو حدٌ فى ظهرك يا هلال قال هلال يا رسول الله أيدخل أحدنا على إمرأته فيرى معها رجلاً يفعل معها الفاحشة فينطلق ليلتمس البيبنة فرد رسول الله البينة أو حد فى ظهرك يا هلال ويرد هلال إبن أمية بأبلغ كلمات يقول هلال يا رسول الله والذى بعثك بالحق إنى لصادق ووالله ليُنزلن الله عليك ما يُبرئنى به من الحد – وتأمل بهذه الكلمات إلى أى حد قد أرتقى هلال إبن امية مع ربه جل وعلا ولم ينزل تشريع غير البينة او الحد ووالله لم يتحرك أحد من مجلسة بعد كلمات هلال ولا يلبث أن يتنزل الوحى ويُعرف أثاره على النبى صلى الله عليه وسلم حيث يتفصد عرفاً فى الليلة الشديدة البرودة ويتحول إلى حالة يعرفها الصحابة عند تنزل الوحى ويتنزل تالوحى بالأيات التى تحمل تشريعاً جديداً حسيث تتنزل أيات سورة النور وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (
وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وهذه الأيات تسمى ايات الملاعنة أو ايات اللعان فقال صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها اى امرأة هلال بن أمية فجاءت فقرأ عليها النبى وعلى زوجها الأيات ووذكرهما صلى الله عليه وسلم ووعظهما ثم قال الرجل والله إنى لصادق ووالله لا يعذبنى الله عليها كم لم يجلدنى عليها فقال صلى الله عليه وسلم لاعنوا بينهما فطلب من هلال إبن أمية أن يشهد بالله أربع مرات فقال هلال بن أمية أشهد با لله أربع مرات أنى من الصادقين فلما جاء للخامسة قال صلى الله عليه وسلم يا هلال إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الأخرة وإن الخامسة هى الموجبة توجب عليك لعنة الله فى الدنيا والأخرة إن كنت من الكاذبين فقال والله لا يعذبنى الله عليها كما لم يجلدنى عليها وشهد فى المرة الخامسة على صدقه وكذب إمرأته فقال صلى الله عليه وسلم لإمرأته تقدمى وإشهدى بالله أربقع شهادات بالله إنه من الكاذبين فشهدت المرأة أربع مرات أنه من الكاذبين فلما كانت الخامسة قيل لها أتقى الله واعلمى أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الأخرة وهذه الخامسة وهى الموجبة التى توجب عليك غضب الله فى الدنيا والأخرة فتلكأت المرأة ساعة وقالت والله لا أفضح قومى وشهدت المرأة فى المرة الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فأمر النبى صلى الله وسلم بالتفريق بينهما وهو ما يترتب على اللعان وأمر ألا يُنسب الولد الذى ستضعه إلى هلال بن امية ولا ينسب للرجل الذى قُذفت به وكان يدعى شُريك بن سحماء ولكن يُنسب الولد إلى امه ، ويقام على المرأة حد الرجم إن لم تلاعن ويسقط الحد إن لاعنت