أخي العاصي
هل تذكرت حين تعصي عظمة من تعصي ؟ هل تذكرت أن الله يراك حين تعصي ؟ فإن كنت لاتدري أن الله لا يراك فهذا خلل في إيمانك ، وإن كنت تعلم أن الله يراك فلمَ جعلته أهونَ الناظرين إليك؟!
ألا أيها المستطرفُ الذنبَ جاهلا ً هو الله ُ لا تخفىعليه السرائر
فإن كنتَ لم تعرفه حين عصيته فإن الذي لا يعرفُ اللهَ كافــر
وإن كنت من علم به قد عرفتـــه عصيت فأنت المستهين المجاهــر
فأيها حالك اعتقدت فإنه عليــمٌ بما تطوى عليه الضمائـــــــر
وإني سائلك: هل تحب أن يراك أبوك أو تراك أمك حين ترتكب الذنب ؟ من المؤكد أنك تخجل من ذلك , وإن كنت لاتخجل سوف تخشى منهما أن يرياك حين تزني مثلا أو حين تسرق. بل أكون أبعد من ذلك وأسالك هل تحب أن يراك أي شخص آخر حين تذنب . فإن كنت لاتحب أن يراك البشر وأنت تذنب فلم لاتخجل من رب البشر ؟ ولم لا تخشى من خالق البشر ؟ أم أنك تقول لنفسك إني سوف أختبأ عن أعين الناس وأذهب بعيدا حتى لا يراني أو يشعر بي أحد . أقول لك وهل تختفي عن الله ؟! وهل تظن أن الله لا يراك ؟! حتي ولو كنت وحيدا بل أكثر من ذلك لو أنك أذنبت في نفسك، كأن تنظر إلى ما حرم الله وتشتهي حليلة غيرك في نفسك فالله يعلمه، واعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور قال تعالى ( إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون)5 وقال نعالى(يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) 6
واعلم أنك مهما خلوت فالله رقيبٌ عليك , شاهدٌ على ما تفعل, وهل كثيرٌ على من يعلم غيب السموات والأرض أن يعلم ما في نفسك ؟
قال تعالى (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى)7
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعةً ولا أن ما يخفى عليـه يغيــــــب
كفي بالموت واعظا
أخي العاصي تذكرأنك سوف تموت, فماذا تقول لملك الموت حين يأتي ليقبضَ روحَك وأنت على معصية ؟ هل تقول له أمهلني لحظاتٍ أتوب فيها إلى الله وأعمل صالحا؟ أم أنك تستطيع أن تمنعه من قبض روحك ؟ أم أنك تستطيع أن تدرأ العذابَ عن نفسك ؟ إن كنت تستطيع ذلك فتمادى في غيك واستمر في طريق شيطانك , وإذا كنت لا تستطيع أن تفعل ذلك، وأنت بالفعل لن تستطيع، فأمامك الفرصة الآن لتتوب إلى الله من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله (استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير )8 وأمامك الفرصة قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم "حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون"9 ثم تعالَ هنا أخبرني: ماذا تقول لرب العالمين إذا ما خاطبك قائلا : عبدي لم عصيتني وقد أنعمت عليك بنعمي التي لا تعد ولا تحصى ؟أما كنت تؤمن بي ؟ أما كنت تراني ؟ أما كنت تعلم أني مطلع على ما تفعل من معاصٍ ؟ لابد وأن تجد إجابة لهذه الأسئلة وأنت في الدنيا، وأنت تملك الإختيار، فهيا عد إلى ربك . فإذا انتقلت من الدنيا إلى الإخرة وأنت على هذه الحال فبماذا تجيب ؟ وقد خرس لسانك فلا تستطيع أن تنطق بكلمة واحدة إلا بإذن الله ، وشُلت جوارحُك فلا تقدر على الحركة إلا بإذن الله كما قال تعالى(اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)10
تذكر وقوفك يوم العرض عريانا مستوحشــا قلق الأحشــاء حــيران
والنهار تلهب من غيظ ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبان
اقرأ كتابك يا عبدي على مهــــل فهــل ترى فيه حرفــا غير ما كان
فاحشة الزنا
ايها الزاني أما آن لك أن تـفيق من غفلتك ؟ أم تظن أنك خالد في الدنيا وأنك لن تموت ؟ ثم هلا فكرت حين تزني أن يزنى بأختك أو بامك او ببنتك ، أكنت ترضى ذلك لهن ؟ فإن كنت لا ترضى ذلك لأهل بيتك فلم ترضاه لغيرك ؟ألا بئس هذا القياس إذن!!
أخي إعلم أنك كما تدين تدان فاعمل ماشئت إنك مجزي به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "البر لا يبلى ، والإثم لا ينسى والديان لا يموت ، فكن كما شئت كما تدين تدان ".رواه عبدالرزاق في مسنده وضعفه الألباني في الضعيفة2369
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
من يزني في بيت بألفي درهم يزنى في بيته بغير درهم
من يزني يزنى به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيبا فافهم
إن الزنا دين فإن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
أما تدبرت قول الله تعالى (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)11 أما تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ" 12 ثم هلا فكرت قليلا متعة قليلة يعقبها ندم خير أم متعة دائمة يعقبها راحة نفسية وسعادة؟ فإن كان لا يعقبها ندم في الدنيا فسوف يعقبها خزي وندامة في الآخرة . فأي إنسان أنت الذي تستحل ما حرم الله ولم تزلزك المعصية ولم ترتعش لها فرائسك؟ ابك على خطيئتك
أنوح على نفسي وأبكي خطيئة تقود خطايا أثقلت مني الظهرا
فيا لــذة كانت قليلاً بقاؤها يا حسرة دامت ولم تبق لي عذرا
نار الحرام
وأنت يامن تأكل حراما : أتصبر على نار في بطنك تمتد يدك لكسب الحرام وللرشوة والإختلاس بدلا من أن تمدها لتنفق في سبيل الله . فتتصدق على مسكين أو تعول يتيما بدلا من أن تأكل أموال اليتامى ظلما أما تدبرت قول الله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) 13 فإن كنت ترضى لنفسك أن تأكل في بطنك نارا ،أترضى ذلك لأولادك الصغار؟ أترضى أن ينشأوا من الحرام؟ ثم ما ذنب هؤلاء الصغارأن يكون أبوهم عاصيا ؟ أما تدبرت قول الله تعالى ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون)14
أما تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) 15 .
وإذا كنت لا تتحمل نار الدنيا فكيف بنار الآخرة أما تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة كالليل المظلم"16
وإن كنت تستطيع أن تتحمل نار الدنيا فكم هي هينة بجانب نار الآخرة قال صلى الله عليه وسلم ناركم هذه التي توقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) 17
المال يذهب حلُه وحرامُه يوماً ويبقى في غد آثامُـــه
ليس التقــــي بمتقٍ لإلهه حتى يطيبُ شرابُه وطعامُه
فأستحلفك بالله لا تمتد يدك على حرام بعد اليوم وكن على يقين أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وأنه سوف يرزقك ما دمت تحيا في هذه الدنيا، ولا تكن مهموما بفوات الزق فإنه لن يفتك رزقك ما دمت طائعا لله متوكلا عليه آخذا بأسباب السعي في الأرض ومهما تعبت في طلب الرزق فهذا أهون عليك من نار جهنم وشدة حرها وسمومها .
واعلم أن مااكتسبته من الحرام لو صبرت قليلا لأتى إليك من الحلال
سهرت أعينٌ ونامت عيـونُ في أمورٍ تكــونُ أو لاتكـــون
فادرأ الهمَ ما استطـعت عن النفسِ فحملانُك الهمومَ جنون
إن رباً كفاك بالأمس ما كان سيكفيك في غدٍ ما يكــــــون
شح البخـــــيل
وأنت يامن تكنز المال ويمنعك بخلك من أن تؤدي حق الله :أتظن أنك سوف تاخذ مالك معك في قبرك ؟الم تفكر لم أعطاك الله هذا المال ؟ هل لتنفقه في سبيل هواك وسبيل الشيطان أم لتنفقه في سبيل من أعطاكه ؟ هل لتقتني به كل محرم أم لتنفقه في كل محلل ؟ وماذا تقول لربك إذا سألك عنه (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ)18 وهل أحسست يوما بجوع الفقراء والمساكين ؟ هل خطر على بالك يوما أنك تلبس أثمن الثياب وغيرك عارٍ لا يملك سترة تستره من حر الصيف وبرد الشتاء من لهيب الشمس وثلج المطر؟أم سولت لك نفسك أنك لمن تموت ؟ ارجع إلى ربك قبل أن يأتي يوم تتمنى فيه أن تعود إلى الدنيا لتنفق في سبيل الله كما في قوله تعالى : " وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون " 19
واعلم أنك ميت لا محالة وسوف تترك هذا المال لورثتك فأيهما تفضل أن تؤدي فيه حق الله ويكون لك زادا يوم القيامة أم ينفقه ورثتك في ملذاتهم وشهواتهم؟ وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ قَالَ فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ)20
أموالنُا لذوي الميراثِ نجمعهــــا ودورُنا لخرابِ الدهـــرِ نبنيها
فاعمل لدار غد رضوانُ خازنُها والجارُ أحمدُ والرحمنُ ناشيها
إن ربا أنعم عليك بهذه النعم أيستحق منك الجحود والعصيان أم يستحق منك الحمد والشكر والعرفان؟ حريٌ بك أن تبكي على خطيئتك
ابكِ لذنبك طولَ الدهر مجتهـداً إن البكاءَ معولُ الأحـزان
لا تنس ذنبك في النهارِ وطوله إن الذنوبَ تحيطُ بالإنسان
شارب الخمر
وانت يامن تشرب الخمر وتتعاطى المخدرات أهانت عليك صحتك ؟ تنفق مالك في الحرام وتلقي بنفسك إلى التهلكة . ألم تعلم أن الخمر أم الخبائث ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الخمر أم الخبائث فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوما فإن مات و هي في بطنه مات ميتة جاهلية 21 . أتحب الا تقبل صلاتك أربعين يوما ؟ أم تحب أن تموت ميتة جاهلية؟
هل فكرت يوما أن ما تشرب به خمرا أوما تتعاطى به المخدرات أن تنفقه في سبيل الله؟ أم أنك تريد أن تستر عقلك حتى تتمادى في غيك فتفعل ما يغضب الله وأنت لا تدري ؟
رأيت الخمر مصلحة وفيها مناقب تفسد المرء الكريما
فوالله لا أشربُها صحــيحا ولا أُشفي بها أبدا سقيمــــا
ولا أُعطي بها ثمنا حياتي ولاأدعو لها أبدا نديمــــــا
التبرج والسفور
وأنت أيتها البنت المسلمة ألم تخجلين وأنت تظهرين ما حرم الله وتبدين زينتك لغير محارمك ؟ أين حياؤك؟ كيف تخرجين للناس في الشوارع والطرقات وأنت شبه عارية ؟ أهان عليك جسدك ؟ أهان عليك عرضك؟ أهانت عليك كرامتك والكل ينظر إليك بشهوه ويتمنونك في الحرام ؟ أهذا أكرم لك أم وأنت تلبسين الزي والحجاب الشرعي؟ وكأنك جوهرة مصونة مكنونة تغار على عرضها وتخاف من ربها ولا يراها إلا زوجها.
ولا تسمعي لكلام من يقولون إن الحجاب تخلف وإن هذا ضد الحرية الشخصية للمرأة، ولا تسمعي لمن يقول لك لماذا تخنقين نفسك في حرارة الشمس وكيف تتحملين هذه الحرارة . قولى لهم كما قال الله تعالى: (قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون) 22
وقولي لهم : أولى بكم –رجالا ونساءً- أن تنصحوا أنفسكم فكيف لكم بتحمل حرارة الشمس حين تدنو من الرؤوس؟
ثم قولي للعاريات من النساء: إنني أتحمل حر الشمس وأنا طائعة لربي كما تتحملن أنتن برد الشتاء وأنتن شبه عاريات وأنتن عاصيات ؟ أي قياس هذا الذي تقسن به؟ الا بئس هذا القياس!!
وقولي لهن ايضا : إنني أتزين لزوجي بأجمل الزينة وألبس له أحدث أنواع الثياب . فزوجي عندي كل حياتي. ولست مثل من تخرج للشارع هذا ينظر إليها حتى يصل نظره إلى عظمها فيخترقه، وهذا ينظر إلى شعرها وكأنها سلعة رخيصة الكل ينظر إليها أو كأنها زهرة يشمون رائحتها وعند ذبولها يمشون عليها بأقدامهم .أم أنها تظن أن الرجال بلا شعور! ان كانت تظن ذلك فهي التي بلار شعور.
إنا سمعنا أختنَا شيئا عجاب قالوا كلاما لا يسر عن الحجاب
قالوا خياما عُلقت بين الرقاب قالوا ظلاما حالكا بين الثياب
قالوا التأخر والتخلف في النقاب قالوا الرشاقة والتطور في غياب
وقال آخر
لحدِ الركبةِ تُشمريـــنا بربك أي بحرٍ تعبرينا
كأن الثوبَ ظلٌ في صباح يزيد تقلصا حينا فحينا
تظنين الرجال بلا شــعور لأنك ربما لا تشعرينا
وانت أيها الأب لم لا تبدي النصيحة لإبنتك أترضى بما تفعل ؟ والعجيب أن بعض الآباء يأمرون بناتهم بالعري والفجور !!
وإنا نتساءل ألا يوجد رجل شريف يخاف على عرضه ويغار على شرفه أين الأبوة وأين الأخوة بل أين الرجوله ؟ أتحب أيها الشبيه بالرجل أن تكون ديوثا وهل تعرف عاقبة الديوث ؟ اسمع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا : الديوث و الرجلة من النساء و مدمن الخمر 23 .
ولى الحياء وولت مع الحياء الطهارة وصار لبس الغواني يحكي ثياب الدعارة
وما تأفف زوج ولا الخروج أثاره ولا أب ضــاق ذرعا وقام يحمي ذماره
ولا أخ قال أف وراح يبدي نفاره كأنما كل حــي منهم تقبل عــــاره
وأنت يامن تطلق لنظرك العنان لينظر إلى ما حرم الله وكأنك في حديقة من الغانيات تستمتع بالنظر لهن ؟ هل ترضى لأحد من محارمك أن يُنظر إليه كما تنظر لغيرهن؟